حرب الإيمان من خلف جدار...
- Haneen Adel
- 25 أكتوبر
- 3 دقيقة قراءة
تاريخ التحديث: 2 نوفمبر

حرب الإيمان من خلف جدار...
كان صوت الرياح عميقا وكأنها تكنُ لي بسرها ، كنا وحيدين لا صوت يُسمع سوى همسها . وجدت نفسي أجثو على رمالها.
لم تكن رمالا ككل الرمال في شكلها ، بل كانت رمال شاطئية حتى ظننت أنني لست في المكان الذي بدا لي هو المكان .
جثوت على ركبتي وأخذت ألمس الأرض بيدي ، كان فعلا رملا بني فاتح يميل الى البياض في لونه ؛ كثيف ،معقد التركيب ، تحمل جزيئاته مواد مختلفة في أبعادها. وكأن البحار قد تركت أثرها فيه . حملته بقلبي وكأني أحمل القَدَر في يدي . أخذته نحو أنفاسي وصرت أستنشق الرائحة بقوة الحياة التي حملها جسدي ،مغمضة العينين ، مبتسمة ، والريح تهمس في أذني : "انثري فيها بذوري! ".
غرست يدي اليمنى بقوة في رمال الصحراء الشاطئية وأخذت أحفرها لأضع فيها بذوري .
بعد أن شكّلت العمق المطلوب لغرس البذور، رفعت رأسي لأجد مجموعة من الأطفال مختلفين الاجناس والأعمار، يلتفون حولي ويشاهدون صنعي . لا أعلم كيف أتوا ؟! ، ومن أين أتوا؟! ، وكيف تواجدوا حولي ؟! ؛ لاني كنت منشغله قلبا وروحا وجسدا أصنع في تلك الرمال حفرتي وأغرس نبتتي.
لم أسمع سوى همس الرياح في ذاك الخلاء الخالي .
حينها رأيت سيارة أمنية تحف المكان من بعيد متجهه نحوإتجاهي. اعتراني الخوف من أن يكون صنيعي مريبا ومحظور. ترددت حينها ، ورحت ابحث عن مسكن ألجأ اليه. عاد صوت الرياح يهمس في مسمعي وأختفى الأطفال من حولي .
وقفت ، وتوجهت يسارا داخل الرمال ، مواصلة بحثي والمسير .
شاهدت شيئا ! لو لا هروبي وريبتي لم أكن أنا له بشاهدة ؛ جدارعظيمة شاهقه لقلعة شاهقه عظيمة على يساري بالصحراء لم تكن بعيدة كثيرا. كانت مصنوعه من نفس الرمال الشاطئية العجيبة المتواجده في ربوع الصحراء.
تجمدت مكاني بين الذهول ، وبين البحث عن ملجأ ، وبين قرار الدخول إليها .
وأنا أسير شاهدت ثلاث بوابات عظيمة على أبعاد متفرقه ومتباعدة على الواجهه الأماميه. كانت كلها مصنوعه من نفس الرمال الشاطئية الغريبة المتواجدة بالصحراء. كان حصناً منيعاً ؛ بل إرثاً عظيماً.
نظرت يميني على بعد مد بصري والسيارة الأمنيه تقترب حول المكان من بعيد. كانت قدماي تسير وهي مثقله وتغرس خطواتها في الرمال الشاطئية الكثيفة.
الغريب ! أنني لم أكن خائفة أبدا، كنت هادئه جداً في سيري ، بل كنت أشعر بالأمان وكأنني متجهه لدار أعلم أنها مسكني. كانت كل خطواتي مليئه بالطمانينة والثقة.
واصلت المسير حتى اقتربت من أول بوابة واقرب بوابه لي.
بدت لي من بعيد جميع اليوابات الشاهقه والعظيمة مغلقه .
لكن فور وصولي لاقرب بوابة ، كانت مفتوحة وكأنها تناديني ، كانت ميسًره وكأني أنا من تركتها خلفي لأوي اليها عند حاجتي .
دخلت وأنا هادئه ، قانته ، مطمئنة.
خارجا ؛ كانت الشمس تملأ الأرض والسماء بضوءها . أما داخلا ؛ فكانت انعكاسات الظل والنور تملا جدران المكان و أعمدته الشاهقة و ممراته العظيمة .
دخلت بينها أبحث عن حوض و ماء ، أغسل فيه يدي من الرمال العالقة بعد حفري.
سرت بين الأعمده في ممرات فسيحه وشاهقة. حتى وصلت إلى غرفة بزاوية القصر. كانت مبنية من الرخام البني اللون المائل للون الطين المستخدم في العمارة قديماَ، لكنه كان رخاما حجريا لامعاً. باب الغرفة كان مردودا قليلا لمساحة تسمح لي بالدخول والوقوف أمام الحوض .
انسدل الماء من الصنبور الذهبي، نظرت حوله بحثا عن صابون أغسل به يدي جيدا و أزيح عنها الرمال. كان على الحوض العديد من الصوابين الطبيعية والقديمة جدا، كانت موزعه على جانبي الصنبور، كانت تحمل الواناً مختلفه بين الأخضر بدرجاته و الأبيض. في هذه الأثناء سمعت مناديا يناديني !. كان صوته بعيدا وأقترب ، تملأؤه العظمة والكبرياء والهيبة. كان صوتا حنونأً عميق .
رفعت رأسي لأرى من !. كان جدِي ! . نعم ، كان جدٍي.
كان يسير بين الأعمدة ب ثيابه القديمة المتواضعه لا تعكس إلَا زمن القلعة. كان يجمع الأطفال بين يديه ، متلفتاً حوله في عجلة وترقب ، ويطلب مني أن استعجل بالخروج معهم. .
أخبرته بأن ينتظر ، وبأنني أغسل يدي من الرمال. كنت أقول حينها لنفسي : لما هاذا الهدوء ؟ ؛ لم أكن عَجِله كنت متريثة ، كأن كل الوقت بداخل القلعه أصبح لي ، والزمن مسخراً لي .
جدي كان يجمعهم حوله ، ويوجههم لبوابة المخرج. كان طريقها يكثر فيه الظل عن باقي القصر، لا يُرى مابعده .
كنت أشاهدهم و أنا مازلت اتفقد بالنظر مكاني. رفعت عيني عن الحوض ، ابحث عن الأجدد بين الصابون. بينما أنظر ، وجدت صابونة تعود لجدي. كان لونها مختلف كلون الرخام الطيني الأحمر.
جمع جدي ألأطفال وكان متجها لأحد البوابات بين اللأعمدة.
كنت استعد للإنضمام لهم في رحلتي التي لم تكن رحلة عادية ، ففي كل محطة تركت شيئًا مني، وأخذت شيئًا منها .لم أكن وحدي . كانوا معي و يقفون خلفي . كانوا يمنحونني النقاء لأستمربطرق جديدة و مضيئة. كنا نسير بثقه ونحن نعلم أن خطواتنا لن تضيع ..



تعليقات