top of page

وصُحبَة أُستاذٍ..

  • Haneen Adel
  • 24 أكتوبر 2021
  • 2 دقائق قراءة

تاريخ التحديث: 30 ديسمبر 2022




صُحبَة أُستاذٍ..


هو ذلك الشيخ الزاهد ذو الوجه المستدير الأبيض، عريض المنكبين طويل القامة . وكأن حروب السماء على مر الأزمان ساقته إليك. عندما ُيقبل، تستشعره سابقاً بالوجود. ثيابه بيضاء..متطايرة.. فوق رأسه عِمّه أو قلنسوة؛بياضها يعميك، ونورها يغيب بها ادراكك.. عندما يسير مُقبلا، يسير وكأن الرياح تحمله ،فلا يتعنى السير اليك. وكأنه مخلوق رباني ،لم يكن له في الأرض مسكن.


لحضوره هيبه مخيفة. يحمل في يده اليمنى فأْساً من الفضة البيضاء؛ من شدة بياضها، ووهج بريقها، لا تدرك نوع المادة المصنوع منها.

عندما يأتيك، يأتيك فجأةً على عجل. لا تدرك حضوره، إلا وهو امام ناظريك ، ينتظر منك عدم ادراكه. لاأعلم لو كان للفأس غايةً حينها! ولكن رهبة حضوره ،يفز لها قلبك، وتتسع حدقاتك، وينقطع فكرك عن الوجود. فلا يصبح للوجود سواكما منفردين.


إنه ذلك الشفق العالق ما بين غروب وشروق. ترتبط به روح المؤمن؛ وهنا لا أقصد الإيمان المرتبط بعقيدة،أوشريعة، أو ديانة، او مذهب؛ إنما الإيمان الذي تستمر به أرواحنا للمواصلة.


يأخذك إلى دروب تجهلها.. يسقيك الحكمة من ينابيع التجربة.

يهذّب نفسك ويروضها، وكأنك في دقيق وصفها؛ حصان بري هائج.. منطلق، حاملا كل التفاصيل التي تجعلك ترغب بشدة في امتلاكه؛ الجمال، السرعة، المهارة، اللياقة.


هو ذلك التحدي العظيم. الي يشق علينا.. يخنقنا.. يسحبنا إلى قيعان الأودية.. يجتذ أوقاتا أرواحنا، وكأنه الموت الخانق لروح ؛ يبقيها معلقه بين جسد وسماء.. يسقينا مر الماء العكر.. وأوقات، نعم! أوقات… يوصلنا إلى أن تتنجس أبداننا ونحن نعبر ذاك الشارع.


بينما نعبره في صباح باكر، نلمح منظر المؤذنة، وتلك الطيور تعبر سماءها.. فنواصل المسير، حتى ولوكان ذلك النجس مازال عالقا في ابداننا في ذل، وهوان، تعز فيه على أرواحنا أنفسنا.


ليس سوى ألم : يتشعب حول قلبك وكأنه عنكبوت برازيلي توغل الى داخلك، ونسج شباك ألمه في جوفك، حتى أن الألم يمتد لتشعر به في سواعدك ، وأكتافك، وأطراف أصابعك.


هو..الحلم لمسألة لا يمكن أن تتحملها وتشق عليك.. تقف من هولها لتهاجم، فيسحبك بيده المهترئة، البالية، المشيخة، ولكنها قوية جدا كسطوة محارب أسطوري؛ يسحبك للجلوس على مقاعد لم يحيكها.. إلا من أشجار الصنوبر البري الشائك.


ليس كمثله معلم.. قاسي ورحيم.. يسقيك الدواء من إناءٍ رحماني يثلج الألم، ويبارك الفكر، ويرتقي بالروح. من هُذّب به نال من الدنيا حظها، وإن عثرته السبل.


ذلك المرشد الرفيق هو الصبر؛ صبراً لكل فرج. وخلاصا لكل عالق، وطهراً من كل نجس، وعطراً لكل مجلس، وقوتا لكل جائع، وكسوةً لكل عارٍ، وأمّا ًمرضعة لكل يتيم، وبصراً لكل أعمى، وشفاء لكل عليل، ونجاةً لكل ضائع، وحلما بالوصول لكل مسافر، وأباً معيل لأسرة ضعيفة عاجزة، ووطن لكل لاجئ.. رياضا للصالحين، وشوقاً للقاء إلهٍ كريم.




لنبحر عميقاً ..........


 
 
 

Comments


bottom of page